سورة التوبة - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (التوبة)


        


قوله تعالى: {وإن نكثوا أيْمانهم} قال ابن عباس: نزلت في أبي سفيان بن حرب، والحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو، وعكرمة ابن أبي جهل، وسائر رؤساء قريش الذين نقضوا العهد حين أعانوا بني بكر على خزاعة حلفاء رسول الله، فأُمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسير إليهم فينصر خزاعة، وهم الذين همُّوا باخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأما النكث، فمعناه: النقض. والأَيمان هاهنا: العهود. والطعن في الدِّين: أن يعاب، وهذا يوجب قتل الذميّ إذا طعن في الإسلام، لأن المأخوذ عليه أن لا يطعن فيه.
قوله تعالى: {فقاتلوا أئمة الكفر} قرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: {أئمة} بتحقيق الهمزتين. وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: بتحقيق الأولى وتليين الثانية. والمراد بأئمة الكفر: رؤوس المشركين وقادتهم. {إنهم لا أَيْمان لهم} أي: لا عهود لهم صادقة؛ هذا على قراءة من فتح الألف، وهم الأكثرون. وقرأ ابن عامر: {لا إِيمان لهم} بالكسر؛ وفيها وجهان ذكرهما الزجاج.
أحدهما: أنه وصف لهم بالكفر ونفي الإيمان، والثاني: لا أمان لهم، تقول: آمنته إيماناً، والمعنى: فقد بطل أمانكم لهم بنقضهم.
وفي قوله: {لعلهم ينتهون} قولان:
أحدهما: عن الشرك. والثاني: عن نقض العهود.
وفي لعل قولان.
احدهما: أنها بمعنى الترجِّي، المعنى: ليرجى منهم الانتهاء، قاله الزجاج.
والثاني: أنها بمعنى كي، قاله أبو سليمان الدمشقي.


قوله تعالى: {ألا تقاتلون قوماً} قال الزجاج: هذا على وجه التوبيخ، ومعناه: الحضّ على قتالهم. قال المفسرون: وهذا نزل في نقض قريش عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي عاهدهم بالحديبية حيث أعانوا على خزاعة.
وفي قوله: {وهمُّوا باخراج الرسول} قولان:
أحدهما: أنهم أبو سفيان في جماعة من قريش، كانوا فيمن همَّ باخراج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة.
والثاني: انهم قوم من اليهود، غدروا برسول الله صلى الله عليه وسلم، ونقضوا عهده وهمَّوا بمعاونة المنافقين على إخراجه من المدينة.
قوله تعالى: {وهم بدؤوكم أول مرة} فيه قولان:
أحدهما: بدؤوكم باعانتهم على حلفائكم، قاله ابن عباس.
والثاني: بالقتال يوم بدر، قاله مقاتل.
قوله تعالى: {أتخشَونهم} قال الزجاج: أتخشون أن ينالكم من قتالهم مكروه؟! فمكروه عذاب الله أحق أن يُخشى إن كنتم مصدِّقين بعذابه وثوابه.
قوله تعالى: {ويشف صدور قوم مؤمنين} قال ابن عباس، ومجاهد: يعني: خزاعة.
قوله تعالى: {ويُذْهِبْ غيظ قلوبهم} أي: كَربها، وَوجْدها بمعونة قريشٍ بني بكر عليها.
قوله تعالى: {ويتوبُ الله على من يشاء} قال الزجاج: هو مستأنف، وليس بجواب {قاتِلوهم} وفيمن عُنِي به قولان:
أحدهما: بنو خزاعة، والمعنى: ويتوب الله على من يشاء من بني خزاعة، قاله عكرمة.
والثاني: أنه عام في المشركين كما تاب على أبي سفيان، وعكرمة، وسهيل. {والله عليم} بنيَّات المؤمنين، {حكيم} فيما قضى.


قوله تعالى: {أم حسبتم أن تُترَكوا} في المخاطب بهذا قولان:
أحدهما: أنهم المؤمنون، خوطبوا بهذا حين شق على بعضهم القتال، قاله الأكثرون.
والثاني: أنهم قوم من المنافقين كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج معه إلى الجهاد تعذيراً، قاله ابن عباس. وإنما دخلت الميم في الاستفهام، لأنه استفهام معترض في وسط الكلام، فدخلت لتفرق بينه وبين الاستفهام المبتدأ. قال الفراء: ولو أُريد به الابتداء، لكان إما بالألف، أو ب هل، ومعنى الكلام: أن تُتركوا بغير امتحان يبَين به الصادق من الكاذب. {ولمّا يعلم الله} أي: ولم تجاهدوا فيعلم الله وجود ذلك منكم؛ وقد كان يعلم ذلك غيباً، فأراد إظهار ما علم ليجازي على العمل.
فأما الوليجة، فقال ابن قتيبة: هي البطانة من غير المسلمين، وهو أن يتخذ الرجل من المسلمين دخيلاً من المشركين وخليطاً ووادّاً، وأصله من الولوج. قال أبو عبيدة: وكل شيء أدخلته في شيء ليس منه فهو وليجة، والرجل يكون في القوم وليس منهم فهو وليجة فيهم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8